ابن بطوطة في رحلة ليست كمثيلاتها
لقيت رحلات ابن بطوطة انتقادات عدة، هدفت النيل من مصداقية المعطيات الواردة فيها، بيد أن رحلته إلى بلاد السودان شكلت استثناء في هذا الباب.
تضفي معطيات على رحلة ابن بطوطة إلى السودان نوعا من المصداقية، منها أن تدوينها تم بعد سنتين من تاريخ عودته، وتحديدا في ذي الحجة عام 756هـ/ 1355م، بما يفيد أن معلومات ابن بطوطة عن المجال المذكور كانت ما تزال طازجة، وذاكرته ما زالت تحتفظ بتفاصيل دقيقة، وقد يكون «استعان في إملائها بمذكراته لضبط الأسماء والأبعاد والأرقام». ثم أنه كان يعلم أن مغاربة كثر زاروا بلاد السودان ويزورونه في إطار التجارة الصحراوية أو في إطار رحلات علمية، فلم يكن أمامه بد من الصدق والانزياح عن المبالغة، حتى ينفي عن نفسه ما راج من أكاذيب طالت حكيه عن رحلاته الأسيوية منها خاصة. وتزيد صدقية الرحلة بالنظر إلى أن مضمونها يجد صداه في مصادر تاريخية أخرى «تناولت المنطقة، وفي نتائج الحفريات الأثرية». وبذلك، تعد إسهاما متميزا لرحالة العصور الوسطى.
كانت نتيجة مصداقية رحلة ابن بطوطة إلى بلاد السودان أن أصبحت مصدرا لا محيد عنه لكل راغب في دراسة هذا المجال خلال القرن 8هـ/ 14م، خاصة من قبل المتخصصين في الدراسات الإفريقية أمثال (E.W. BOVIL, W.D. COOLEY, DE LA FOSSE, J. BOVILL, J. MARQUART)، بل أصبحت مصدرا لتصحيح المغالطات التي تطبع مصادر أخرى عن المجال نفسه خلال العصر الوسيط، التي غالبا ما اعتمدت على رويات شفوية لم تخضع للتقصي.
http://zamane.ma/ar/%D8%A7%D8%A8%D9%86-%D8%A8%D8%B7%D9%88%D8%B7%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D9%84%D9%8A%D8%B3%D8%AA-%D9%83%D9%85%D8%AB%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7/
إرسال تعليق